” غزة رمز العِزة ” .

 

gazza

ينتهي بنا طابور الصباح ؛ وبعد أن أقف بينهم لأحيي العلم الرمز نصعد جميعا الى الفصل الدراسي لنبدأ اليوم بكل أسى وحزن وضيق مما يحدث حولنا وما نراه من تخاذل الحكام وتواطئهم – وإن أنكروه – أقف ناظرا لهم ثم ألقي عليهم السلام و أومئ لهم أن اجلسوا …. ،

” يلا يا ولاد .. طلعوا الكتب والكراريس من غير صوت وال مكتبش الواجب يقوم يقف ” هكذا خاطبتهم بعد السلام عليكم ، وذهبت لأخرج أدوات العمل ؛ فإذا به يتسلل إليّ ويأتيني خلسة لأفاجأ به يهمس في أذني :

– أستاذ

– نعم ياحبيبي

– عاوز أكتب شيء على السبورة

– ينتابني شعور بالاستغراب الشديد وأسأله : ليه يا حبيبي في ايه

– يجيبني : عاوز أكتب حاجه على السبورة

– بحسي وبرؤيتي لتلميذي ” محمد ” أدرك أن ثمة شيئا خفيا طلبه منه والده ، وأراد من ولده أن يلقيه على مسامعي وزملائه ؛ فأمسك بقطعة من الطباشير وأعطيها له وأقف رافعا يدي اليمنى معلنا حدثا فريدا ومهما أبدأ به يومي مع تلاميذ الصف الثاني الابتدائي ؛ وأقول :

– ياولاد ؛ زميلكم محمد هيكتب لكم حاجه على السبورة عاوزكم تركزه معاه جدا … وأخاطبه ” اتفضل يامحمد “

ويمسك محمد بقطعة الطباشير ويتجه لمنتصف السبورة ويشرع في الكتابة ؛ وأقف وصدري يجيش بحب له وسعادة به ؛ ممزوجة بأسى شديد لما يحدث حولنا ويدمي قلوبنا جميعا فإذا به يكتب …

” غزة رمز العِزة “

وينتهي مبتسما ببراءة شديدة ويناولني قطعة الطباشير ثم يضع أصبع يده على مقدمة شفاه المبتسمة وزملاؤه ينظرون إليه وكل منهم يتمتم ببساطة برد فعله البسيط على قدر إدراكه للحدث وقيمته .. فأُقفهم جميعا قائلا :

– زميلكم محمد كتب لنا جملة ” غزة رمز العزة ” ؛ عارفين ياولاد مين غزة وايه بيحصل فيها من امبارح ؟ ؛ فيجيب كل منهم بقدر معرفته بما حدث وما رآه من بشاعة القصف وماخلفه ، فأبدأ في تفسير الجملة لهم مؤكدا على معنى العزة ومعنى القوة والمنعة والبأس الذي وعدنا به الله عز وجل ولكن فرطنا فيه نحن وأبدلنا إياه حكامنا ذلا لسنا أهلا له ، ثم أقول :

– صفقوا لمحمد ، وهنكتب الجملة فوق هنا أول السبورة وبخط جميل ومش هنمسحها لحد آخر اليوم … ،

وأكتب الجملة مؤمنا بمعانيها وقيمتها بعد أن سطرها هذا الطفل ببراءته وأرسم بجوارها قلبا ملونا بلون يشبه حُمرة الدم يعبر عما حدث لقلوبنا جميعا من جراء القصف المتوحش ؛ ثم أبدأ يومي متذكرا قول من قال :

” أنا عربي ورافض صمتي كاتم إحساس جوايا .. والشعب العربي في صفي هقول ويرد ورايا : 

ماتت قلوب الناس ، ماتت بنا النخوة 

يمكن نسينا في يوم إن العرب أخوة . “

نسينا ؟ أم تناسينا ؟ لا يهم ؛ الأهم هو متى نتذكر ومتى نتحرك ؟

* كان هذا وصفا  لحدث قد يعطي لنا أملا في جيل قد يأتي بما لما نستطعه ؛ نسألكم الدعاء .

 

 

6 تعليقات

  1. نعم هي رمز عزتنا جميعاً

  2. غزة رمز العزة ممكن أقتبس منك الجملة دى يا متمو (هذا وصفا لحدث قد يعطي لنا أملا في جيل قد يأتي بما لما نستطعه ) دائما ما أدعو الله بهذه الدعوة يارب أخرج لنا من تلاميذنا من يستطع أن يفعل ما لا نقدر على فعله وأتمنى أن تتحقق
    بارك الله لك فى تلاميذك يا متمو

  3. غزة رمز العزة !!!!!!!!!!!!
    فأين هى عزتنا ؟؟؟؟؟؟؟ و أين نحن ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
    بورك فى تلميذك الذكى و بوركت معلما
    اللهم أكثر هذه الأمثال علنا نلقى هذه العزة يومااااا …….

  4. اسجل وجودي واعجابي بقلمك البسيط الجميل
    🙂

  5. اسمح لي يا مستر اكتب تعليق على كل التدوينات
    اولا المدونة عثرت عليها بالصدفة
    ثانيا مش عارفة اذا كنت هتقرا التعليق دا ف الغربة و لا لا بس حبيتاكتبه
    موهبة رائعة كلمات عفوية تعبيرات صادقة
    اعادك الله سالما لوطنك و اهلك

    • يااااااااااااااااااااااااه يامس سلوى ، سامحيني على التأخير الشديد في الرد ، حالا رأيته وأنا أقلب في ذكرياتي … شكرا جزيلا على كلماتك .

اترك رداً على Salwa Habiba إلغاء الرد