وداعا 2012 الجَميل

400086_10151305286186358_1188523718_n

ليس ككل الأعوام التي عشتها في عمري الذي يدخل في عامه الثلاثين ، بل هو عام الأحداث السعيدة بفضل الله .
قبل أن أكتب تدوينتي التي تعودت عليها في السنوات القليلة السابقة قمت بعقد مقارنة سريعة بين حالي وما كنت أكتبه في التدوينات السابقة وما سأكتبه في هذه التدوينة ؛ لأجد أنها قد تكون أكثر التدوينات خيرا وسرورا بفضل الله .
28/1/2012 تاريخ عقد قراني على زوجتي الكريمة ، من الطبيعي جدا ألا أنساه بكل تفاصيله الجميلة رغم ما سبقها من صعوبات ، فقد كانت ليلة جميلة ورائعة شعرت فيها بحب أهلي لي وسعادتهم لسعادتي ورأيت فيها فرحة زوجتي الطاغية وشعرت فيها بسعادة ملأت قلبي أسأل الله أن يشعر بها كل مسلم ومسلمة يبدآن حياتهما بالرباط المتين .
توافق يوم عقد قراني مع الذكرى السنوية الأولى لجمعة الغضب 28/1/2011 وكان ذلك له وقع غير عادي في قلبي فلم يكن يخطر ببالي أن يكون عقد قراني بعد عام من بدء الثورة المصرية وكنت في ذلك اليوم وأنا أستعد لليلة عقد القران وحتى قبلها بأيام أتفكر في الأمر وغرابته بجدية وأقول لنفسي : من عام كنت أصرخ وأهتف ضد النظام الفاسد وأثور مع الثوار واليوم أعقد قراني وأسمع ألحانا غنائية ، وأرى ابتسامات عذبة ، وأستنشق روائح طيبة ، وألمس زوجة جميلة ، يا الله !!! سبحان مدبر الأمور !
مضى يوم السبت 28/1/2012 كأروع ما يكون بفضل الله وحفرتُ تفاصيله في قلبي ومخيلتي لأستعيدها من وقت لآخر بعد أن توقعت في حينه أن عام 2012 سيكون عام خير بالنسبة لي ؛ ليأتي يوم زفافي الاثنين 9/7/2012 ليكون يوما جميلا ، رائعا ، لا مثيل له في أيام حياتي المنقضية .
كنت حين أرى عروسا أتخيل نفسي مكانه مثل أي شاب يتمنى الزواج ويرغب فيه ، وكنت أستحي بشدة من الوقوف في هذا الموقف بين أعين الناس ومعي زوجتي ، لكن ما حدث بالفعل أني وقفت عروسا – على فكرة عروس لفظة عربية تُطلق على الرجل والمرأة – وتركت نفسي للفرحة ولم أنظر لعيون الحاضرين كثيرا كمحاولة للسعادة باليوم الذي لن يتكرر في حياتي إن شاء الله .
لعب القدر دورا في أن يكون يوم عقد قراني هو الاثنين ، ذلك اليوم الذي ارتبطت به أكثر من عشرين عاما حين كنت أمارس عملي الحرفي السابق ، هذا التقدير غير المقصود كان له وقعا في نفسي رغم بساطته فأنا ممن يربط الأمور ويؤولها بمعان كثيرا ما تعْلق معه في الذاكرة ولا تُمحى .
العاشر من أغسطس هذا العام كان أول ذكرى لمولدي مع زوجتي في بيت الزوجية التي فاجأتني كعادتها بيوم جميل بكل تفاصيله الرائعة التي تعودت عليها من تلك الأنثى الذكية بارك الله فيها وجعلها لي خير الزوج والأم للأبناء بإذن الله .
مر الشهر الأول من زواجي ليبتليني الله عز وجل ببلاء بسيط أحمده جلّ في علاه على نعمته عليّ به لأنني اكتشفت شيئا في جسمي استوجب إجراء عملية جراحية هي الأولى لي في حياتي كان لها وقعا في نفسي لأنها جعلتني بعد أقل من شهر من زواجي طريحا للفراش لأرى بعيني علامات حب زوجتي لي وقدر ما فعلته من أجلي لأرى بعين اليقين كم تحبني هذه المرأة وكم تبذل من راحتها من أجل راحتي مثل النساء الأصيلات الرحيمات الحافظات لبيوتهن ولأزواجهن فجزاها الله عني خير الجزاء ، وأشعر بقدري عندي أمي ورغم أنه لم يكن أكثر مما توقعت لكن ما رأيته من تأثر أمي كان كفيلا أن يجعلني أتعلق بها أكثر وأكثر لأردد كما أردد دائما : ” يا ليت كل الحب أم ” ، لكن أمي الذكية الحنونة تنسحب حين ترى بعينها ما تفعله زوجتي معي وتقتنع أنها لن تفعل أكثر مما تفعل ، بل تشهد لي أنها لم تكن لتفعل نصف ما تفعله زوجتي الشابة الرائعة … اللهم احفظ لي زوجتي وبارك لي في أمي .
ملابسات الجراحة غاية في الغرابة .. أذهب لمعمل التحاليل في السادسة مساء فيؤكد لي طبيب التحاليل أني بحاجة لمراجعة طبيب متخصص ، لأصل عند الطبيب الساعة العاشرة مساء فيطلب مني أشعة على وجه السرعة لأتصل بمعمل الأشعة بعد أن أغلقه المسؤول عنه في الساعة الثانية عشرة والنصف لأعود إلى الطبيب في الواحدة ليؤكد لي أن حالتي تستوجب جراحة عاجلة فأتفق معه على التفاصيل وأترك الأمر لظروف توفير تكلفة الجراحة لأتصل بأحد أقرب الناس إليّ فأقترض منه جزءا من التكاليف لأتصل بالطبيب ليجري لي الجراحة في صباح اليوم التالي … سبحان الله !!
أدخل غرفة العمليات بشجاعة وجرأة لم أتوقعها مني ، أُجري الجراحة وأنا واع لما يحدث فيها بل أتحدث مع الطبيب في أثنائها ، وفجأة ترتفع درجة حرارتي لتسود حالة من القلق فيقوم الطبيب بالتوقف عن الجراحة ومعالجة الأمر بسرعة ثم يُكمل الجراحة وزوجتي بالباب تبكي ومعها أمي كعادتها فتخرج واحدة من طاقم التمريض تقول لهن : ( أنتم تبكون وهو يضحك بالداخل ، وتضحك .. ) فبالفعل كنت أضحك وقت الجراحة مع الطبيب رغم كل ما يحدث .
الحمد لله على كل حال … الآن أشعر أني بخير حال وأحمد الله كلما تذكرت أنه أعلمني حالتي في الوقت المناسب .
أثناء فترة مرضي وصلت الأوراق الخاصة بسفري للعمل بدولة الكويت وكانت ذات طبيعة خاصة بسبب تأخر وصولها ، ذلك لأن تاريخ انتهاء صلاحية سمة الدخول ( التأشيرة ) كان بقى فيه أيام معدودة تستوجب عليّ النزول حالا إلى القاهرة للبدء في إجراءاتها وهذا ما أكده لي زميل سبقني في الإجراءات فاتصل بي ليؤكد لي أن معي يوم واحد فقط إن لم أسافر فيه للقاهرة للبدء في الإجراءات فستضيع عليّ الفرصة للأسف ، فبعد محاولات للاتصال بجهة العمل بالكويت يؤكدون لي أنه يجب عليّ البدء في الإجراءات فأقوم من سريري في نفس اليوم التالي لعمل الفيش اللازم ثم السفر للقاهرة بدونه لأن استلامه يكون في اليوم التالي الخميس 30/8/2012 الغريب جدا جدا بأحداثه المتلاحقة وبلحظات اليأس التي شعرت بها وزوجتي بأن الفرصة قد ضاعت أكثر من مرة لكن الله كان يُيسر لنا الأمر مرة بعد مرة حتى وقفت الأوراق عند الوصول لمكتب الحجر الصحي الذي يرفض تسلم الأوراق لعدم وجود الفيش الأصلي فأطلب التحدث مع المسئول لأشرح له موقفي بأن تاريخ صلاحية التأشيرة هو اليوم فقط فيسمحوا لي بالمحاولة فهنا يأتي عمي الأستاذ أنصاري بارك الله فيه – هذا الرجل إنسان رائع بمعنى الكلمة – ليتقدم لمديرة المكتب فتوافق على قبول الأوراق على أن نسلم أصل الفيش يوم الأحد التالي فنتنفس الصعداء ونحمد الله على توفيقه الكبير ، لتمر الأيام و يأتي يوم 1/10/2012 لتطأ قدمي أرض الكويت .
الآن بنهاية العام يكون لي ثلاثة أشهر كاملة بدولة الكويت التي سأترك حديثي عنها في تدوينة خاصة حين أُتم العام فيها بإذن الله كي أتحدث عن بداية تجربتي فيها وما لاقيته فيها من صعوبات أو تيسيرات كما سأقدم عرضا مطولا لرؤيتي للتعليم بدولة الكويت الشقيقة ولطبيعة شعبها الذي وجدت من أكثره كل الخير.

عام 2012 شهدنا فيه تجربة انتخاب أول رئيس جمهورية مدني لمصر الثورة ولا أنسى أبدا لحظة إعلان نتيجة الانتخابات وما شعرنا به قبلها من خوف وخشية من إحياء النظام الفاسد بأحد ذيوله الطويلة ، ورغم أني ممن انتخب د / عبدالمنعم أبوالفتوح في الجولة الأولى إلا أن سعادتي بانتخاب الرئيس مرسي لم تقل عن السعادة التي كنت سأشعر بها بفوز أبوالفتوح ؛ فشبح نظام المخلوع مبارك جعلنا نتلهف لأي رئيس يمثل الثورة ولو من بعيد حتى أتت لحظة إعلان النتيجة التي سجدت فيها على أرض مركز شباب السلام بإدكو فرحا وحمدا لله أن أنقذنا من تلميذ المخلوع ، ورغم أن مصر الآن ليست كما تمنيناها بعد الثورة الرائعة إلا أننا ننتظر إصلاح الأمور بصلاح المحكومين وحكامهم ونرجو من الله أن يكون قريبا بإذن الله .

يرحل 2012 ؛ لأنتظر بشغف 2013 الذي سيكون لي فيه بإذن الله حدثا سعيدا لن يقارن بأي حدث سعيد آخر في حياتي .
يرحل 2012 بعد أن أسعدني في مجمله على الرغم من بعض العثرات والصعوبات التي كانت تسبق كل فرحة أو سعادة كما تعودت في حياتي كلها ، وأدعو الله أن يكون القادم أحلى وأفضل لكل المسلمين .