أمي حنان الدنيا .

image
لا شك أن الأم هي أغلى الناس عند كل إنسان ، فلكل منا جانب في قلبه لأمه لا يقترب منه أحد غيرها فهي إن شئنا تملأ القلب ، وإن لم نشأ ملء القلب الذي لم يعرف الحب قبلها ؛ فعلى صدرها دقّ القلب وبين أصابعها تكونت الملامح و أمام أعينها نطق اللسان بأول كلمة ” ماما ” فلا قبلها و لا بعدها في قدرها و مكانتها ؛ حفظها الله حنان الدنيا .
عيد الأم ، كنت في صغري أريد أن أحضر لها هدية فكانت تصبرني بأني هديتها الكبرى و تأبى أن تكلفني ما لا أطيق لأنها الأعلم بحال أسرتها و أولادها ، لكني كنت أصر فأدّخر من مصروفي لمدة طويلة حتى أحضر لها هدية و كانت أول هدية تعبر عن قدر براءة الطفل و قدر مكانته عند أمه بتعبيرها عن فرحتها بالهدية على بساطتها ، لقد كانت الهدية  ” صابونة ريحة و أكياس شامبو ” استخدمتها وأخوتي بعد ذلك ، لكنها عبرت عن فرحتها الغامرة بها لأنها البسيطة القنوعة الرحيمة .
كانت تحرص كل الحرص على عيد الأم لجدتي لأبي و لأمها رغم ضيق ذات اليد ولم نكن ننتبه لمعنى ذلك ولم نحرص على هديتها طويلا لأنها كانت ترفض أي هدية لها لأننا لا نستطيعها في رأيها ، و أتت من بعدي أختي الصغرى لتصر على هديتها التي غالبا ما كانت تثير الضحك في نفوسنا جميعا لبساطتها و لظرف أختي المعهود ، فيمر يومها بسيطا تكتفي فيه غالبا بقبلة على اليد أو الخد و تدعو لنا كعادتها . بارك الله لنا فيها قلبا كبيرا .
الآن و أنا أفكر في هدية لها أتذكر يدها الصغيرة في حجمها التي كنت أتندر عليها كثيرا و أشفق عليها أكثر لفرط تعبها ؛ فاليد التي كانت تحنو علينا باللمس صغارا و تتحمل المشقة في البيت بترتيب كافة شؤونه حتى الكبر تحتاج الآن لشيء ولو يسير من الراحة التي لم ترها أمي إلا نادرا ، فلعلي بهديتي – غسالة جديدة –  أكون قد سعيت في سبيل ذلك ولو بشيء يسير ، فإن كنت لا أستطيع في غربتي تقبيل تلك اليد أتمنى أن أكون قد أهديتها قبلة من نوع خاص أرجو بها من الله رضاها و إدخال السرور على قلبها .
أشتاق إليك يا أمي ، أحن إليك يا أعز الناس ، فالله أسأل أن يحفظك و يديم رضاك عنا ودعاءك لنا يا غالية .. يوم أم سعيد يا أمي ، يوم حب سعيد .